الرسم بالصور لجنات نعيم
بر الشام
بزغت الشمس مبكرة
على بر الشام لهذا اليوم
وأفاق الصباح من غفوته متعجلاً
والعصافير المداعبة
ملأت الجو
صياح زقزقتها المتفائلة
*
شدوها الحر
المسافر على صهوة وداعة قصوى
في لهاث الأذهان المتراكضة
وخلف خطى التغريد المداهم
*
والصبوة ناي يعزف
على أوتار أناة متفردة
تعمل على إطالة مسافة الترنم
التي لن يضلها الشدو أبداً
مع هديل حمائم متواعده
على وجبة إفطار شهي
من تغريده العزف على أنغام
كل خيارات العذوبة المتهافتة
*
والطبيعة الشاهدة
الرافلة بثياب
البراءة الشفافة
لحث كل الطيورالمغردة
على عزف ترنيمات
صدحها صيحة واحدة
على وقع غناء حساسين
وتغريد الشحارير
تدور رحاها من الإنشاد
في معارك شدو متبارية
لتحقيق انتصارات
صدح مذهلة
لا يفوز فيها إلا الترنم
بين جنباتك التي تطغى على القلب
ياشام الحبيبة
*
ونحن نجري كالسيلان المترنح
لنهر بردى
في متابعة سماع أغانيها المطولة
التي تدور في أسماعنا
ألحاناً من عزف مريح
على حناجر كل الطيور المتمرسة
كسنفونية تسابيح عذبة
*
وبأشارة من أصابع وجدك
لتطولها أيدي
كل تضرع لهفة
تخطف اللب
*
والعيون الناعسة
تتملى المشاهد العائدة
من على رياض جنة وارفة
وفوق بساط خضرة سندسية
عصية عن الوصف
متدثرة بعباءة من طيوب
فرط شهية
تحت سحابة طل مخملية
تكاد تهوي لتناطح الأرض
لكثرة ماحملته
من سعادة ندى مستحية
و تعثرت بالخفر المضرج
بشدة الاستزادة بشرح النفوس المضطربة
من سحابة ديمة مدرار~ للشذى المطارد
لخياشيمنا الواثبة
والمثقلة بهفهافة الطيوب المذهلة
*
ومشاعرنا المتهافتة
تنعم بانضمام كل عبيرسارح
مع كل شذى طائر
على أجنحة مسنونة
من عبق الياسمين
فوق أريج فسيح
لا يبارح
أنوفا تضرجت خياشيمها
بمطلق الانتشاء الساجد
*
ثمة براعم فتيه نهضت واقفة
في وجه النسيم السارح
تنفض عن جذعها الندى
في رقصات حفيف مذهلة
*
لتنهض زهرات يانعة متبرجة
بخصال أنوار ذهبية
من الضياء الخالص
استحمت بالطل
تتفتح من أكمامها للتو
كان موعدها الفجر الناهض
*
والشجيرات الواثبة
تدور دورتها الفاتنة
حول بساتين الغوطة
وفي جبال القلمون
وفي رياض الزبداني
في جنات حمص
وبلدات حماة وحلب وادلب
وفي قرى حوران
والدير والرقة والحسكة
قبل أن يدوي صوت زخ الرصاص
في حقولها الوارفة
ليكبح جماح الظلال الماردة
*
لكن الحلا واجب
عليك ياشام الحبيبة
فكل ملذات هذه الدنيا
المغدقه علينا
خيراتها الجمة
لاتساوي ذرة تراب ساجدة
على رياضك الضاحكة
*
والأشجار المطلة
من فوق عروض ثمار متفردة
على مر الفصول المتعاقبة
كأنما ازداد طولها فجأة
وماست أغصانها
في اهتزاز ورك فنن متناهض
رافعة رؤوس أغصانها
كأصابع ابتهال مسددة
إلى أعالي السماء
مع خالص الشكر الجزيل
لهذا العطاء الواصل
لتغمرنا في سعادة من الشعور
بالرضا مذهلة
ولتنعم مفاتنها المتألقة
بالهبوب علينا
في هرولة جنات النعيم
المنقطعة النظير
في وجداننا المتهالك
من انكبابنا المنهمك
أوعلى وشك الإغماء الراكع
في أحضان طبيعة مستحمة
بغدق جداولها المتزاحمة
*
و علائم الرضى تنعم متهادية
في خطب ود السكينة
لوهادك المنشية
بإطلالة أزاهيرك المنتشرة
كغبطة عبير منفلتة
*
والحقول الوارفة الأغصان
تتجاذب الأحاديث العطرية
في ما بينها
في جلبة صدى من طيوب
شحذ همة
وهي تفرد قسمات لبسمات
عبق خفي
يفوح من ألحاظ مبتسمة
في وجه زهرات متألقة
تتداعى حول بعضها
على فتح حوار شجي
لتبوح بأسرار رياحين مفعمة
كانت تدور في خلدها العطري
وهي تتأرجح في هوادة
وفادة
هذا التقارب والتداني
لهذا العرض الأخاذ
للطبيعة المذهلة
في شامنا الحلوة
*
وسرب النحلات المجتهدات
والذي كان يتبع طريق العبق
بين زهرات العشب
وأشواك الأسيجة
ليهتدي إلى الزهرة العروس
من أجل أن يفضّ بكارة الانتشاء
والمعتق بالشهد الخالص
وفي بذل الكثير
من الرحيق المطلوب
للكفاءة الشاهدة
على صياغة ذهب الإبداع
والذي ينتج عن مفخرة
سباكة بريق هذا العسل الخالص
*
لأن السعادة القصوى
هي كجني الرحيق
كتبادل البسمات واللثمات
وتوقيع القبل الحميمة
على الخدود الوردية
والتي ليس لها مثيل إطلاقاً
إلا .. في الرياض الشامية