وردة نافقة
وردة نافقة
تخلت عن ملابس زهوها
لعصفة ريح نزقة
جردتها من ملامس تفتح تيجانها
و مزقت عرى وريقاتها
حتى ذبلت أطرافها
وأنكمشت أوراقها
و أخذتها الرجفة ~ من البرد
وضعضعت كيانها المرصوص
وتركتها وفي موقف حسر ~
لا تحسد عليه
كوردة يابسة
تتعثر في نصب أيكة خميلة
في الرواق الخارجي
~
مع أن العناق محتدم
برعم .. وورقة .. وتويج
فوق أغصان ممتدة
إلى جانب ساق ..واحدة
تشمخ إلى جوار جذع ..
يطأ بعفوية سمحة
أعشاباً صفراء
وأوراقاً ذابلة
باذلا جل جهده
على أن لاتدوس عليها
خطى الشتاء المتهالكة
كوطء متهاون
لتتركها فوضى
وفي منتهى الاندحار التام
~
والأنفاس المدهشة
تملأ عباب زهرات مذهلة
أخذتها الرجفة
وارتعدت بلهاث المكاشفة
بين أنف ولهان
وصدر واسع
وانتشت بأنفاس الروض العطرة
حتى تتقلد أوسمة زهو براعها
و بمفاتن ياقوت عبق
وجواهر عقيق عبير مذهلة
~
ونحن نواصل تتبع الرحيق
إلى ما فوق احتمال تنشقنا
لنعب من كؤوس مترعة بالشهد
و في جني فاكهة العبق
ذات النكهة الصافية
للنشوة التي توثق العرى
بين النفوس المعذبة
وترتق القلوب
وهي تمد أيديّ لهفتها
لهنيهة فواح عطر
و ترتمي في أرجوحة نسائم
كل برهة ثمالة متردية
عن غمار موغلة بالترنح
~
و الهوادة تنشر ضحكاتها المبحوحة
بين كل لفتة تلويحة أريج
لفرد ابتسامة عبق
على سحنات وجوه ملبدة
~
ولتتلاقى مع تحصيل ثمار جهودها
من الإيثار
مع شهد البهجة الخالصة
وفي عبٍ نشوان
~
لكن الموت وحده
هو الذي يتردى
والحياة جارية على أهبتها
و الطبيعة مشرئبة .. ناهضة
وعلى أغصان انتصابها الشاهق
يتوكأ العاشق
حتى لا ينحني
~
والقلب الخالي مهما ضلّ
لا بد من أن يعثر على سبيله المنسي
تحت أيكات خمائل ورود
وإلى جانب أجمة ياسمين
ويشق دربه بحزم ~ مما يرد الروع
ويتحمل متاعب الطريق
بين طيات جود عبيرها الجم
من فيض نشوان
يسعف قلب ظمآن
وبين جنبات هبات نسائمها المنقطعة النظير
مما يسعف اللب
بشفاء صهيل العافية
فوق صهوة جياد سلسبيل الشفاء
من سلاسة ~ تدفق النمير
بين أضلع لهفتنا
~
وعاشق الطبيعة
يتوسد عشبها الأخضر
يتناول شفائه الروحي
ويستمتع بكل ثمارها
وينشرح صدره
متخمٌ صبوة وانكباباً
وهو يمضي قدما
وعلى سواء السبيل
~
و العبق يطوف في أرجائها
ويلبي مطرقاً
لتجد نفسك منتصباً
كقامة علو هامة ~ من أريج
يناطح آفاق منسجمة
مع أوقات الخلو بالنفس ~ ويرتمي إعياء
في كل عودة مسرعة
إلى جادة العبق الهانئ